الثلاثاء، 14 ديسمبر 2021

مراحل تكوين الجنين بين السنة والعلم لـ محمد مدهير جابي

 

 

        

 

         (مراحل تكوين الجنين بين السنة والعلم)                      

دراسة حديثية

 

إعداد

د. محمد مدهير جابي

أستاذ السنة النبوية وعلومها بالجامعة الإسلامية بمنيسوتا

وجامعة المدينة العالمية

 

2020م

مكة المكرمة

 

 


المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله r وعلى آله وصحبه و من والاه .                              أما بعد :

  فعلم الحديث من أجل العلوم و أنفعها ، والسنة هي المصدر الثاني من مصادر الشريعة بعد كلام الله عز وجل ، وقد حث النبي r أمته بالتمسك بسنته والعض عليها بالنواجذ، ولما انتشر الإسلام واتسعت رقعة المسلمين ، كثر الكلام عن الحديث ، ولم يفتأ أعداء الدين أن رموا السنة بالتناقض والخطأ ، فوقف لهم علماء جهابذة دافعو عن هذا الدين ، بشرح السنة و ورد ما أشكل منها ، لينفوا عنها تحريف المبطلين وانتحال الغالين و تأويل الجاهلين، ومن المسائل المهمة التي ينبغي أن يكون لها نصيب من البحث العلمي، مسألة أطوار الجنين وعدد الأيام اكتمال الخلق ونفخ الروح، فكان هذا البحث، لتوضيح هذه المسألة العلمية والتوفيق بين علم السنة والعلم الحديث وأنه لا تعارض بينهما.

فأسأل الله الإعانة في ذلك ..

 

                                                                                     الباحث

 

 

 


ملخص

تناول البحث أحاديث مراحل تكوين الجنين وعدد أيام تخلق الجنين ، بدءً بذكر الأحاديث الصحيحة ثم مراحل التكوين ، النطفة والعلقة والمضغة بذكر معانيها في اللغة وموافقتها للعلم الحديث ، ثم مناقشة أقوال العلماء الذي ذهبوا إلى أن مراحل تكوين الجنين مئة وعشرون يوما، ويليه مناقشة القائلين بأن مراحل تكوين الجنين أربعون يوما وتحرير الخلاف في ذلك وذكر القول الأصوب والراجح في ذلك .

والله أعلم ...


Abstract

The research discussed Hadiths of the creation process of the fetus and the days numbers of its creation. It started with mentioning the right Hadiths then the process of creation; the sperm, the leech and the Mudgha. Mentioning the meanings of them in Arabic language and its aligning with Hadiths.
After that, it discussed the  statement of scholars who stated that the creation process takes hundred and twenty days. Then, it discussed the statement of scholars who stated that the creation process takes forty days and analyse the argument in it and states the most proper correct view on the topic.

مشكلة البحث

ورد حديث في البخاري عن مراحل تكوين الجنين، إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ " وقد ذهب أكثر المفسرين وأهل الحديث أنها مئة أربعون يوما،

بينما علماء الأجنة يقولون غير ذلك ، بل ويفسرون العلقة والمضغة غير تفسير أهل اللغة والحديث.

فما هو الصحيح وما جواب هذا الإشكال .

 

 

 

 


أهداف البحث

1-           العناية بأحاديث رسول الله r  والدفاع عن سنته، من خلال توضيح وكشف مراحل الجنين وأطوار الخلق بين السنة والعلم   .

2-           دراسة أحاديث تطور مراحل الجنين وتوضيح المقصود منه في ضوء العلم الحديث .

3-           شرح المراحل (النطفة – العلقة – المضغة ) بين اللغة وعلم الأجنة والتوفيق بينهما .

4-           تبرئة  السنة المطهرة من  التناقض وذلك بإيضاح ما أشكل منه  .

5-            اقتفاء أثر السلف الصالح في الذب عن أحاديث رسول الله r .


منهج البحث :

تم دراسة البحث على التقسيم التالي

·      إيراد الأحاديث في الخلق وتكوين الجنين  .

·      تعريف المراحل الثلاثة ( نطفة – علقة – مضغة ) مع ذكر آراء العلماء في ذلك وموافقته للعلم الحديث  .

·      مناقشة القول الأول في أن أيام مراحل تكوين الجنين 120 يوما  .

·      مناقشة القول الثاني في أن أيام مراحل تكوين الجنين 40 يوما   .

 

 


أهمية البحث

الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان مالم يعلم ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على النبي المكرم ، صلى الله عليه وعل آله وصحبه وسلم .      

أما بعد :

   فإن من أهم العلوم وأجلها علم الحديث لأنه ثاني مصادر التشريع في ديننا الحنيف ، وإن الأمة اعتنت بعلم الحديث منذ فجر التاريخ الإسلامي ، وما هذا البحث إلا امتداد لهذا العلم الجليل .

وإن أهمية هذا البحث يتجلى في أمور عدة ، منها في بيان صحة حديث رسول الله وموافقته للعلم الحديث ، وأن كلامه وحي من الله سبحانه وتعالى، وهو حق اليقين، ولا يمكن أن يخالف نصه العلم الحديث، وخاصة في باب علم الأجنة، وقد ظهرت بعض الإشكالات الواردة في هذا المجال، كـ العلقة والمضغة، وعدد أيام تكوين الجنين، و فكان لزاما على أهل الحديث ايضاحه وتوضيح المشكل فيه ، خصوصا أننا في زمن كثر فيه المشككون في هذا الدين وبالأخص في علم الحديث ،

وهنا يتجلى أهمية هذا البحث والله ولي التوفيق .  

 

 


الأحاديث الواردة في تكوين خلق الإنسان .

الحديث الأول :

صحيح البخاري ـ حسب ترقيم فتح الباري (4/  135)

3208- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ عَبْدُ اللهِ ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ ، أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.[1]

التخريج

صحيح البخاري (6594,7454) صحيح مسلم (2645,2643) سنن أبي داود (4708) سنن الترمذي (2137) سنن ابن ماجه (76) سنن الدارمي (213)

مسند أحمد برقم (3553,3624,3934,4091)

الحديث الثاني : وفيه زيادة لفظ ( في ذلك )

في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ « إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا »[2].

 

الحديث الثالث :

روى مسلم عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ الْمَكِّىِّ أَنَّ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ الشَّقِىُّ مَنْ شَقِىَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ. فَأَتَى رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُقَالُ لَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ الْغِفَارِىُّ فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ وَكَيْفَ يَشْقَى رَجُلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَتَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ثُمَّ. قَالَ يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِى رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ أَجَلُهُ. فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ رِزْقُهُ. فَيَقْضِى رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِى يَدِهِ فَلاَ يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلاَ يَنْقُصُ[3].

وفي رواية أخرى لمسلم بلفظ « إِنَّ النُّطْفَةَ تَقَعُ فِى الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يَتَصَوَّرُ عَلَيْهَا الْمَلَكُ ».

ولفظ آخر لمسلم « أَنَّ مَلَكًا مُوَكَّلاً بِالرَّحِمِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا بِإِذْنِ اللَّهِ لِبِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً »

ولفظ آخر « يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِى الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً»

 بذكر هذه الألفاظ نجد أن هناك تفاوت بين الحديث الأول الذي يفهم منه أن المدة ( أربعين ثم أربعين ثم أربعين أي مائة وعشرون يوما ) .

ويفهم من الرواية الثانية والثالثة أن الخلق يجمع في أربعين يوما ، وليس مائة وعشرون يوما .

ولذا سيقوم الباحث ببيان المراحل وتعريفها والجمع بين مختلف ألفاظ الحديث، معتمداً على

المصادر المعتبرة وأقوال العلماء المعتبرين، وبيان الخلاف الواقع بين العلماء بخصوص أطوار الجنين.

أولاً: مرحلة النطفة:-

المراد بالنطفة : المني  هو مجمع عليه عن جمهور أهل اللغة، والعلم.

    وقال ابن منظور : والنطف: جمع نطفة وهو الماء الصافي ، أي من المني[4].

وقال صاحب تاج العروس"النطفة، بالضم: الماء الصافي قل أو كثر[5]

النُّطْفَةُ بالضم : الماءُ الصافي قَلَّ أو كثُرَ  فمن القليل نطفة الإنسان .

وقال ابن الأثير:" وهو بالقليل أخص.[6]
والنُّطْفَةُ : ماءُ الرَّجُلِ الذي يَتَكَوَّنُ منهُ الولَدُ

فالمرحلة الأولى من خلق الإنسان  إذن هي النطفة أي المني .

قال الله تعالى " أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى " سورة القيامة (37)

النطفة المختلطة التي اختلط وامتزج فيها ماء الرجل بماء المرأة ، وهذه هي البيضة الملقحة بتطوراتها العديدة والتي لا تزال تأخذ شكل قطرة الماء ولها خاصية الحركة الانسيابية كقطرات الماء تماما ، وينتهي هذا الطور بتعلق الكيسة الأريمية ببطانة الرحم في نهاية الأسبوع الأول من التلقيح [7].

إذن المقصود بهذه المرحلة هي من وقت إلتقاء ماء الرجل بماء المرأة إلى أن يتحول إلى علقة.

 

 

 

المرحلة الثانية : العلقة

وهي المرحلة الثانية من مراحل خلق الإنسان الواردة في حديث ابن مسعود، وللعلقة معاني أبرزها

الدم الغليظ، وقيل هو من التعلق والعلوق أي علق به وتعلق .

وهو التكوين المنوي كما أطلق عليه علماء الأجنة ، لأن في هذه المرحلة يعلق الجنين في رحم أمه، فقد عرف أهل اللغة العلقة بقولهم :"العلق الدم الغليظ والقطعة منه علقة و )العلقة(  أيضًا

دودة في الماء تمص الدم والجمع ) (علق ) و ( علقت المرأة إذا حبلت ) 

في القاموس : العلق الدَّمُ عامَّةً أو الشَّديدُ الحُمْرَةِ أو الغَليظُ أو الجامِدُ القِطْعَةُ منه : بهاءٍ وكلُّ ما عُلِّقَ[8]

 وقيل:"علقة مشتقة من علق والتي تعني الالتصاق والتعلق، وعَلِقَ الشيءَ عَلَقاً وعَلِقَ به عَلاقَةً وعُلوقاً لزمه.[9]

كما جاء في شرح الأربعين النووية : "والعلقة كما يقول جميع المفسرين: قطعة دم جامدة، أو دم متجلط متجمد، ويخالف في ذلك علماء الأجنة فيقولون: العلقة ليست قطعة دم جامدة، ولا يمر بالجنين فترة تجمد قط، إنما العلقة: من العلوق؛ لأن الجنين بعد فترة النطفة يعلق بجدار الرحم".[10]

إذن فالقول أن العلقة قطعة دم جامدة هو القول الأكثر والأشهر بين السابقين، ولكن علماء الأجنة فيقولون: العلقة ليست قطعة دم جامدة، ولا يمر بالجنين فترة تجمد قط، إنما العلقة: من العلوق؛ لأن الجنين بعد فترة النطفة يعلق بجدار الرحم، ولأن الجنين في حالة نمو منذ خلق.

فقد أكدت الأبحاث العلمية الحديثة أن الجنين في مرحلة العلقة ـ وهي المرحلة التي تبدأ مباشرة بعد انغراس النطفة الأمشاج أو الكيسة الأريمية في الرحم ـ يتعلق بأمه تعلقًا شديدًا؛ حيث يتعلق برحمها، ويتغذى من دمها الذي ينتقل بينهما منذ هذه المرحلة، كما يحاط الجنين في هذه المرحلة ببرك أو بحيرات عديدة من الدماء، ويكون الدم في هذه البحيرات أول الأمر متخثرًا جامدًا، والجنين بداخله لا يزيد حجمه عن 2مم؛ مما يجعل مظهر الجنين كأنه دم غليظ متعلق.

وهذا ما يتطابق تمامًا مع المعاني والدلالات اللغوية الواردة في لفظ "علق" أو "علقة"، والتي منها: النشوب والتعلق، والدم عامة سواء كان جامدًا أو رطبًا، واللون الأحمر وغيرها من المعاني.

كما أن تشبيه مرحلة العلقة في أطوار خلق الجنين بدودة العلق، وصرف اللفظ إليها ـ لهو من الحقائق العلمية الموافقة لخلق الجنين في هذه المرحلة؛ حيث أثبتت الصور المجهرية للجنين في هذا الطور توافقًا كبيرًا بين دودة العلق والجنين من ناحية الهيئة والشكل والمحيط والوظيفة، الأمر الذى يسوغ موقف علماء الإعجاز العلمي في إعادة مصطلح العلقة في خلق الجنين إلى دودة العلق التي تعيش في البرك وتمتص الدماء من الحيوانات وغيرها.[11]

وبعد تعلق الجنين بجدار الرحم، وانغراسه فيه، يبدأ الغشاء المشيمي (Chorion) في التكون من الخلايا الخارجية للأرومة الجرثومية، كما يتكون معلاق موصل بين الجنين وبين الغشاء المشيمي، تنشأ فيه الأوعية الدموية السرية المغذية للجنين لتأكيد تعلق الجنين بجدار الرحم.

ويستمر طور العلقة من اليوم الخامس عشر إلى اليوم الرابع والعشرين أو الخامس والعشرين تقريبًا بعد إتمام عملية الإخصاب، وعلى الرغم من ضآلته فإن هذا الطور يتميز بصفات عدة، منها: التكاثر المتسارع للخلايا ونشاطها في تكوين أجهزة الجسم، وبدء ظهور شق عصبي عميق عند نهاية الطرف الخلفي للجنين، وتكون عدد قليل من الفلقات، ووضوح ثنية الرأس لينتقل هذا الطور إلى الطور الذي يليه، وهو طور المضغة[12]  .

أما قصر المفسرين للعلقة على معنى الدم، سواء الجامد منه أو الرطب، وأن الجنين في هذه المرحلة لا يكون قطعة من الدم ولا يشبهه ـ فهو أمر مقبول منهم؛ "فإذا عرفنا أن حجم العلقة عند انغرازها لا يزيد عن ربع مليمتر أدركنا على الفور لماذا أصر المفسرون القدامى على أن العلقة هي الدم الغليظ، فالعلقة لا تكاد ترى بالعين المجردة، وهي مع ذلك محاطة بالدم من كل جهاتها، فتفسير العلقة إذا بالدم الغليظ ناتج عن الملاحظة بالعين المجردة، ولم يبعد بذلك المفسرون القدامى عن الحقيقة كثيرًا؛ فالعلقة العالقة بجدار الرحم، والتي لا تكاد ترى بالعين المجردة محاطة بدم غليظ يراه كل ذي عين [13] .

وقد وجد بعض أعداء الدين في تفسير أهل العلم للمضغة بقطعة الدم سبيلا للهجوم على الإسلام ، ولهذا دائما ما نعود إلى معنى النص الوارد في الكتاب أو السنة ، لأنها الأصل ، وأما تفسير العلماء للمراحل فهي اجتهادات حسب علمهم وحالهم ، وكلما تطور العلم ، تعمقنا أكثر وتعرفنا على تفاصيل الآيات التي ذكرها الله في كتابه وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " فالخالق أعلم بما خلق، وعلى المخلوق التصديق التام والإيمان الجازم بالله عز وجل .

 

المرحلة الثالثة : المضغة

وقد عرف أهل اللغة المضغة بقولهم: مضغ: المضاغ: "كل ما يمضغ. والمضاغة : ما يبقى في الفمِ مما تمضغة    . والمضْغة : قِطْعة لحْمٍ. وقلب الإنسان مضْغةٌ من جسده. والمضْغة : كل  ) لحمٍ يخْلق من علقةٍ، وكل لحمةٍ يفصل بينها وبين غيرها عرق فهي مضيغة " [14]

وجاء في تفسير الطبري رحمه الله :جعلنا المضغة منها المخلقة التامة ومنها السقط غير التام[15]

(ثمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ( قال العيني -رحمه الله - وهي القطعة من اللحم"[16]

وقد أكدت الأبحاث العلمية الحديثة أن الجنين في مرحلة المضغة يأخذ في النمو والتطور؛ حيث يظهر عليه عدد من الفلقات تعرف باسم الكتل البدنية (Somites)، والتي تبدأ بفلقة واحدة ثم تتزايد حتى تصل إلى ما بين 40 و 45 فلقة في تمام الأسبوع الرابع وبدايات الأسبوع الخامس من عمر الجنين، ونظرا لهذه الفلقات المتعددة من الكتل البدنية فإن الجنين يبدو كأنه قطعة صغيرة من اللحم الممضوغ،  بقيت عليها طبعات أسنان الماضغ، ومع استمرار نمو المضغة تتغير هذه الفلقات بشكل مستمر في أشكالها وأحجامها ومواضعها،  ويصحب ذلك التغير شيء من الانتفاخ والتغضُّن والتثني، تمامًا كما يحدث مع قطعة العلك الممضوغة مع تكرار مضغها؛ وعلى هذا فإن هذه التسمية تفي تمامًا بحقيقة وهيئة هذه المرحلة من خلق الجنين، فكلمة المضغة تعني قطعة اللحم الممضوغة، أو صغار الأمور، وبهذا تتضح دقة القرآن الكريم المنتاهية في وصف هذه المرحلة، "وتعتبر الفترة من اليوم العشرين إلى الخامس والعشرين من لحظة الإخصاب مرحلة انتقالية بين طوري العلقة والمضغة لبدء تكون الكتل البدنية فيها، وتستمر مرحلة المضغة من اليوم السادس والعشرين إلى الثاني والأربعين من عمر الجنين [17]

مدة مراحل تكوين الجنين

من خلال الروايات السابقة وقع خلاف بين العلماء حول مدة خلق الإنسان  قولين :

مناقشة القول الأول ( مائة وعشرون يوما )

القائلون بأن مدة مراحل الخلق الأولى مائة وعشرون يوماً بحيث يمر الجنين بالمرحلة الأولى أربعين يوماً نطفة، ومثلها علقة، ومثلها مضغة، وبعدئذٍ يتم نفخ الروح،

مستندين في ذلك إلى رواية ) إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً

مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا(. حديث البخاري .

وإلى هذا القول ذهب كثير من أهل العلم ،

قال ابن رجب رحمه الله وقد أخذ كثير من العلماء بظاهر حديث ابن مسعود ، وقالوا : أقل ما يتبين فيه خلق الولد أحد وثمانون يوما ؛ لأنه لا يكون مضغة إلا في الأربعين الثالثة ، ولا يتخلق قبل أن يكون مضغة .

قَالَ الإمام أحمد : ثنا هشيم : أبنا داود ، عن الشعبي ، قَالَ : إذا نكس السقط في الخلق الرابع وكان مخلقا عتقت به الأمة ، وانقضت به العدة .

قَالَ أحمد : إذا تبين الخلق فهو نفاس ، وتعتق به إذا تبين . قَالَ : ولا يصلى على السقط إلا بعد أربعة أشهر 0 قيل له : فإن كان أقل من أربعة ؟ قَالَ : لا ، هوَ في الأربعة يتبين خلقه 0 وقال : العلقة : هي دم لا يتبين فيها الخلق والذي عليه أكثر أهل العلم ـ بل قد حكي عليه الإجماع ـ هو القول بأن نفخ الروح يكون بعد مائة وعشرين يومًا[18].

وهذا مبني على ظاهر حديث ابن مسعود رضي الله عنه، ويرتبط بمراحل النمو أو عدد أيامه، أحكام شرعية عدة، كالسقط، والاجهاض، وما يتعلق بها من أحكام، ويرتبط بالمقصود بـ نفخ الروح في الجنين .

قال ابن القيم في تحفة المودودالذي دل عليه الوحي الصادق عن خلاق البشر أن الخلق ينتقل في كل أربعين يومًا إلى طور آخر، فيكون أولًا نطفة أربعين يومًا، ثم علقة كذلك، ثم مضغة كذلك ثم ينفخ فيه الروح بعد مائة وعشرين يومًا. اهـ. [19]

وقال ابن حجر في الفتح : وقد وقع في رواية عبد الله بن ربيعة عن بن مسعود ان النطفة التي تقضى منها النفس إذا وقعت في الرحم كانت في الجسد أربعين يوما ثم تحادرت دما فكانت علقة وفي حديث جابر ان النطفة إذا استقرت في الرحم أربعين يوما أو ليلة اذن الله في خلقها ونحوه في حديث عبد الله بن عمرو وفي حديث حذيفة بن اسيد من رواية عكرمة بن خالد عن أبي الطفيل عنه أن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتسور عليها الملك وكذا في رواية يوسف المكي عن أبي الطفيل عند الفريابي وعنده وعند مسلم من رواية عمرو بن الحارث عن أبي الزبير عن أبي الطفيل إذا مر بالنطفة ثلاث وأربعون وفي نسخة اثنتان وأربعون ليلة وفي رواية بن جريج عن أبي الزبير عند أبي عوانة اثنتان وأربعون وهي عند مسلم لكن لم يسق لفظها قال مثل عمرو بن الحارث وفي رواية ربيعة بن كلثوم عن أبي الطفيل عند مسلم أيضا إذا أراد الله ان يخلق شيئا يأذن له لبضع وأربعين ليلة وفي رواية عمرو بن دينار عن أبي الطفيل يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين وهكذا رواه بن عيينة عن عمرو عند مسلم ورواه الفريابي من طريق محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو فقال خمسة وأربعين ليلة فجزم بذلك فحاصل الاختلاف ان حديث بن مسعود لم يختلف في ذكر الأربعين وكذا في كثير من الأحاديث وغالبها كحديث أنس ثاني حديثي الباب لا تحديد فيه وحديث حذيفة بن اسيد اختلفت ألفاظ نقلته فبعضهم جزم بالأربعين كما في حديث بن مسعود وبعضهم زاد ثنتين أو ثلاثا أو خمسا أو بضعا ثم منهم من جزم ومنهم من تردد وقد جمع بينها القاضي عياض بأنه ليس في رواية بن مسعود بأن ذلك يقع عند انتهاء الأربعين الأولى وابتداء الأربعين الثانية بل اطلق الأربعين فاحتمل ان يريد ان ذلك يقع في أوائل الأربعين الثانية ويحتمل ان يجمع الاختلاف في العدد الزائد على انه بحسب اختلاف الاجنة وهو جيد لو كانت مخارج الحديث مختلفة لكنها متحدة وراجعة إلى أبي الطفيل عن حذيفة بن اسيد فدل على أنه لم يضبط القدر الزائد على الأربعين والخطب فيه سهل وكل ذلك لا يدفع الزيادة التي في حديث مالك بن الحويرث في إحضار الشبه في اليوم السابع وان فيه يبتدئ الجمع بعد الانتشار وقد قال بن منده انه حديث متصل على شرط الترمذي والنسائي واختلاف الألفاظ بكونه في البطن وبكونه في الرحم لا تأثير له لأنه في الرحم حقيقة والرحم في البطن وقد فسروا قوله تعالى في ظلمات ثلاث بأن المراد ظلمة المشيمة وظلمة الرحم وظلمة البطن فالمشيمة في الرحم والرحم في البطن قوله ثم علقة مثل ذلك في رواية آدم ثم تكون علقة مثل ذلك وفي رواية مسلم ثم تكون في ذلك علقة مثل ذلك وتكون هنا بمعنى تصير ومعناه انها تكون بتلك الصفة مدة الأربعين ثم تنقلب إلى الصفة التي تليها ويحتمل ان يكون المراد تصيرها شيئا فشيئا فيخالط الدم النطفة في الأربعين الأولى بعد انعقادها وامتدادها وتجري في اجزائها شيئا فشيئا حتى تتكامل علقة في اثناء الأربعين ثم يخالطها اللحم شيئا فشيئا إلى ان تشتد فتصير مضغة ولا تسمى علقة قبل ذلك ما دامت نطفة وكذا ما بعد ذلك من زمان العلقة والمضغة وأما ما أخرجه احمد من طريق أبي عبيدة قال قال عبد الله رفعه ان النطفة تكون في الرحم أربعين يوما على حالها لا تتغير ففي سنده ضعف وانقطاع فان كان ثابتا حمل نفي التغير على تمامه أي لا تنتقل إلى وصف العلقة الا بعد تمام الأربعين ولا ينفي ان المني يستحيل في الأربعين الأولى دما إلى ان يصير علقة انتهى وقد نقل الفاضل علي بن المهذب الحموي الطبيب اتفاق الأطباء على ان خلق الجنين في الرحم يكون في نحو الأربعين وفيها تتميز أعضاء الذكر دون الأنثى لحرارة مزاجه وقواه واعبد إلى قوام المنى الذي تتكون اعضاؤه منه ونضجه فيكون اقبل للشكل والتصوير ثم يكون علقة مثل ذلك والعلقة قطعة دم جامد قالوا وتكون حركة الجنين في ضعف المدة التي يخلق فيها ثم يكون مضغة مثل ذلك أي لحمة صغيرة وهي الاربعون الثالثة فتتحرك قال واتفق العلماء على ان نفخ الروح لا يكون الا بعد أربعة اشهر .[20]

وقال الإمام النووي رحمه الله في الحديث ( ثم يرسل الملك ) ظاهره أن إرساله يكون بعد مائة وعشرين يوما . وفي الرواية التي بعد هذه يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين او خمسة واربعين ليلة فيقول يارب أشقي أم سعيد وفي الرواية الثالثة اذا مر بالنطفة اثنتان واربعون ليلة بعث الله اليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها وفي رواية حذيفة بن أسيد إن النطفة تقع في الرحم اربعين ليلة ثم يتسور عليها الملك وفي رواية ان ملكا موكلا بالرحم اذا اراد الله أن يخلق شيئا بإذن الله لبضع واربعين ليلة وذكر الحديث وفي رواية أنس أن الله قد وكل بالرحم ملكا فيقول أي رب نطفة أي رب علقة أي رب مضغة قال العلماء طريق الجمع بين وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظمه وكونه ذكرا أم أنثى وذلك انما يكون في الاربعين الثالثة وهي مدة المضغة وقبل انقضاء هذه الاربعين وقبل نفخ الروح فيه لان نفخ الروح لا يكون إلا بعد تمام صورته . [21]

وقال ابن رجب أيضا: قال أصحابنا أصحاب الشافعي - بناء على أن الخلق لا يكون إلا في المضغة - : أقل ما يتبين فيهِ خلق الولد أحد وثمانون يوما ، في أول الأربعين الثالثة التي يكون فيها مضغة [22]  .

فأصحاب القول بأن أيام مراحل تكوين الجنين أخذوا بظاهر حديث ابن مسعود رضي الله عنه ، وعلى هذا القول أكثر أهل العلم، فجعلوا كل مرحلة من المراحل أربعون يوما وهي ثلاثة مراحل ، مرحلة الأولى، التي يقول عنها البعض مرحلة النطفة ، ولفظ النطفة ليست واردة في الحديث الشريف، وإنما هو لفظ أدرج في الأربعين النووية، وقيل أنه ليس من إدراج النووي وإنما هو من النساخ والله أعلم.

وعلى هذا يجب على دور الطباعة حذف لفظ النطفة من الحديث، لأنها زيادة غير صحيحة .

 

مناقشة القول الثاني ( بأن المراحل كلها تكون في أربعين يوما).

فأصحاب الرأي الثاني يقولون أن مراحل الخلق الأولى تكون في الأربعين يوماً الأولى مستندين في ذلك إلى رواية الإمام مسلم، والتي فيها زيادة لفظ )في ذلك ( ورواية حذيفة بن أسيد « إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا " وهو الذي يطابق العلم الحديث وما يقوله علماء الأجنة .

وقد ذهب إلى هذا القول علماء أجلاء من المتقدمين والمتأخرين ، قال ابن القيم رحمه الله : فإذا اشتمل على المنى ولم يقذف به إلى خارج استدار على نفسه وصار كالكرة وأخذ في الشدة إلى تمام ستة أيام فإذا اشتد نقط فيه نقطة في الوسط وهو موضع القلب ونقطة في أعلاه وهي نقطة الدماغ وفي اليمين وهي نقطة الكبد ثم تتباعد تلك النقط ويظهر بينها خطوط حمر إلى تمام ثلاثة أيام أخر ثم تنفذ الدموية في الجميع بعد ستة أيام أخر فيصير ذلك خمسة عشر يوما ويصير المجموع سبعة وعشرين يوما ثم ينفصل الرأس عن المنكبين والأطراف عن الضلوع والبطن عن الجبين وذلك في تسعة أيام فتصير ستة وثلاثين يوما ثم يتم هذا التمييز بحيث يظهر للحس ظهورا بينا في تمام أربعة أيام فيصير المجموع أربعين يوما تجمع خلقه وهذا مطابق لقول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث المتفق على صحته [ إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ]. [23]

وقد باتت حقيقة علمية أن المراحل الثلاثة كلها تكون في الأربعين الأولى، فقد جاء في بحث علمي للدكتور عبدالجواد الصاوي والدكتور عبدالله المصلح ما نصه .

شاع فهم بين كثير من علماء المسلمين السابقين والمعاصرين على أن زمن أطوار الجنين الأولى: النطفة والعلقة، والمضغة، مدته مائة وعشرون يوما؛ بناء على فهم منطوق حديث جمع الخلق الذي رواه الإمام البخاري وغيره؛ عن عبد الله بن مسعود قال : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ ، أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ "  وبما أن الحديث قد أشار إلى أن نفخ الروح في الجنين يحدث بعد انتهاء زمن طور المضغة الذي ينتهي بنهاية الأربعين الثالثة حسب هذا الفهم ، فعليه أفتى بعض علمائنا الأجلاء بجواز إجهاض الجنين وإسقاطه خلال الشهور الأربعة الأولى من عمره، بلا ضرورة ملجئة، لأن حياته في هذه الفترة حسب فهمهم حياة نباتية، لم تنفخ فيها الروح الإنسانية بعد، لكن هذا المفهوم لزمن أطوار الجنين الأولى وأنها تقع في ثلاثة أربعينات؛ قد ثبت يقينا اليوم أنه يتعارض مع الحقائق العلمية المعتمدة في علم الأجنة الحديث. مما جعل بعض المحاربين للإسلام يتوهم أن حديث الإمام البخاري يعد خنجرا بأيديهم يمكن أن يطعنوا به سنة النبي صلى الله عليه وسلم  . لكن بالجمع بين النصوص التي وردت في نفس الموضوع نجد أن حديث الإمام مسلم في جمع الخلق والذي رواه نفس الراوي لحديث الإمام البخاري قد أزال هذا الإشكال وزاد عبارة صححت المفهوم وتوافقت مع ما يشاهد الآن في أطوار الجنين على وجه اليقين.[24]

وحديث ابن مسعود في مسلم الذي بين لنا مفهوم الحديث زيادة لفظ ( في ذلك ) ونص الحديث " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ" دل لفظ في ذلك على أن المقصود به ، الأربعين الأولى، وما يدعم ذلك هو الحقيقة العلمية، وحديث أسيد داعم يزيل الإشكال الوارد فيه ونص الحديث "« إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا " وهنا نص صريح واضح على أن الجنين يصور ويخلق في الأربعين الأولى ، وهذا الذي يوافق العلم الحديث ، لأن الجنين ينبض قلبه في الأسبوع الثامن إلى الثاني عشر، ويكون قد تخلق، وبدأت حركته.

وهذه الحركات المبكرة، تتحرك الأطراف معًا، حيث تبدأ في التحرك بشكل مستقل بحلول الأسبوع التاسع مع تطور الخلايا العصبية المسيطرة في النخاع الشوكي، في الأسبوع 11، يمكن للجنين أن يفتح فمه ويمتص أصابعه. في الأسبوع 12، يبدأ في ابتلاع السائل الأمنيوسي، بالإضافة إلى الانحناءات الجانبية للرأس، تحدث حركات معقدة ومعممة في بداية مرحلة الجنين، مع حركات ومفاجات تشمل الجسم كله ، لوحظت حركة اليدين والوركين والركبتين في تسعة أسابيع، والتمدد والتثاؤب في عشرة أسابيع،، وحركات الأطراف المعزولة تبدأ بعد ذلك بوقت قصير[25] .

شكل ( 1 ) الجنين في الأسبوع الثامن

 

 

 

 

 


الأسبوع الثامن من الحمل هو الأسبوع المصيري والأهم من بين اسابيع الحمل. هذه هي الفترة الأكثر مصيرية بالنسبة للجنين، إذ إنه يبدأ يأخذ مظهره الخارجي وتبدأ الأعضاء الداخلية بالتكون مثل القلب, الكليتين, الدماغ, العضلات والعظام  أطرافه تبدأ بالظهور، ويكون مظهرها في هذه المرحلة مشابها قليلا لمضرب البينغ بونغ الصغيرة. وفي الأسبوع الثامن، الحبل السري الذي يربط بين جنينك والمشيمة يكون موجودا بالفعل. [26] 

ومن المعلوم في زماننا الآن أنه يمكن رؤية الجنين في الاسبوع السابع، والشعور بنبضه عبر أجهزة السونار،

وقد باتت حقيقة علمية، والشريعة لا تخالف العلم الصريح وإنما يوافقها العلم لأنها من عند الخالق سبحانه وتعالى، وإذا حصل الخطأ في تفسيرنا فهو من أفهامنا والشريعة براء من ذلك .

وبقي أمر آخر وهو متى تنفخ الروح في الجنين؟

أبعد أربعين يومًا أم بعد ذلك ؟

أما مسألة توقيت نفخ الروح، فلا يمكن أن يبت في ذلك العلم، إنما مدار ذلك على النص الوارد في الحديث، ولو تأملنا حديث ابن مسعود في صحيح البخاري ورد لفظ " ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ "

وثم تفيد التراخي، وهو مطابق لما ورد في القرآن " الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (9)

يعني أن الروح تنفخ بعد اكتمال أطوار الجنين، وقد اتفق علماء المسلمين أن الجنين تنفخ فيه الروح بعد اكتمال طور المضغة، بناء على هذا النص النبوي الصريح . وبما أنه قد ثبت أن زمن المضغة يقع في الأربعين يوما الأولى، بنص رواية الإمام مسلم لحديث جمع الخلق، وحديث حذيفة بن أسيد ( إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون يوما...الحديث) وتوافق حقائق علم الأجنة الحديث مع هذه الأوصاف الشرعية لأطوار الجنين – كما أوردنا سلفا- ؛ إذا فالروح تنفخ بعد الأربعين الأولى من عمر الجنين بيقين.

أما عن توقيت النفخ بالضبط أهو بعد شهرين أم ثلاثة أم أربعة أو أقل أو أكثر؟ فلا يستطيع أحد أن يحدد موعد نفخ الروح على وجه الجزم واليقين في يوم بعينه بعد الأربعين يوما الأولى! حيث لا يوجد فيما أعلم نص صحيح صريح في ذلك.

فيمكن القول بأن الروح تنفخ في الجنين بعد مرحلة الخلق أي بعد الأسبوع الثامن من عمره أي في مرحلة النشأة خلقا آخر؛ وهو استنتاج معظم المفسرين الذين قالوا إن طور النشأة خلقا آخر هو الطور الجنيني الذي تنفخ فيه الروح والتي لا يكون إلا بعد طوري العظام وكسائه باللحم كما نصت الآية الكريمة. ويعضد ذلك حرف (ثم) الذي يفيد التراخي في حدوث الفعل حينما ذكر مع نفح الروح في حديث جمع الخلق حيث ورد ( ثم ينفخ فيه الروح كما في البخاري أو ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح كما في مسلم) وحيث أنه لا ينتهي الأسبوع الثامن إلا وجميع الأجهزة الرئيسة قد تخلقت وانتهى طور المضغة في الأربعين يوما الأولى من عمر الجنين وتميزت الصورة الإنسانية وسوى خلق الإنسان خلال هذه الفترة أو بعدها بقليل؛ فعليه يمكن للروح أن تنفخ في الجنين بعد انتهاء عملية الخلق في الأسبوع التاسع أو العاشر أو بعد تميز الأعضاء التناسلية في الأسبوع الثاني عشر أو بعد ذلك! والله أعلم.
     ثم هل الحركات التي تصدر من الجنين دليل على وجود الروح؟

هنا يمكن القول بأن هناك حركة مبكرة للجنين ولا يمكن ربط نفخ الروح بالحركة، وإنما يبقى أمر الروح في علم الله سبحانه وتعالى ، وقد أشار لذلك ابن القيم رحمه الله في وصفه الجنين فقال : فإن قيل : الجنين قبل نفخ الروح فيه هل كان فيه حركة وإحساس أم لا ؟ قيل كان فيه حركة النمو والاغتذاء كالنبات ولم تكن حركة نموه وإغتذائه بالإرادة فلما نفخت فيه الروح انضمت حركة حسيته وإرادته إلى حركة نموه و اغتذائه.[27]

وقد أثبتت الأجهزة الحديثة رؤية حركات جسم الجنين في وقت مبكر؛ حيث يمكن أن تصور عند الأسبوع الثامن أو عندما يبلغ كيس الحمل 3سم أو يبلغ طول الجنين حوالي 15 مم. كما يمكن أن ترى الحركات الجنينية التي تعبر عن حيوية الجنين مثل حركات التنفس وحركات الأطراف العليا وضربات القلب وحركات عدسة العين والبلع وحركات الأمعاء الدودية، كما رصدت الحركات التي تعبر عن نشـاط الجنين مثل البلع وحركة اليد إلى الفم والمضغ وحركات اللسان و حركة اليد إلى الوجه و مص الأصابع؛ والتي يمكن أن ترى عند الأسبوع السادس عشر.[28]


 

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، حمدا يليق برب الأرض والسماوات ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير البريات ، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أهل الفضائل والمكرمات.     

                                                                          أما بعد :

فكل عمل بشري لا بد أن يكون عرضة للخطأ والنقصان ، حتى يثبت ثباتاً قطعياً أن الكمال عزيز ، ولا يكون إلا للكامل سبحانه وتعالى ..

وبحثي هذا المتواضع إنما هو عمل بشري معرض للخطأ و النقص ، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده ، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان ، والله بريء من ذلك ورسوله .

يا ربِ صلي وسلم دائما أبدا ** على حبيبك خير الخلق كلهم

وصلي ربِ عليه كل مبتدئٍ  ** وصلي ربِ عليه كـل مختتم

                                                                                                                                              وكتبه

                                                       د. محمد بن مدهير جابي

 

 

 


أهم النتائج

1-   أن الأحاديث الواردة في الخلق وتكوين الجنين لا تتعارض مع علم الأجنة بل تتوافق معها.

2-   معنى المعلقة من العلوق أي تعلق الجنين بجدار الرحم، وقول المفسرين وشراح الحديث بأنها قطعة دم جامدة هي حسب تصورهم، حيث أن الأجهزة لم تكن وجدت في وقتهم ، وهو قول مقبول لأن العلقة لا تكاد ترى بالعين المجردة محاطة بدم غليظ يراه كل ذي عين .

3-   من ذهب إلى أن عدد أيام كل مرحلة أربعين يوما، فقد فهم من نص الإمام البخاري رحمه الله أنها لكل مرحلة، ولكن بعد جمع النصوص الواردة وضمها إلى بعض يتضح أن المقصود والمراد من ذلك أربعين يوما، وهو الموافق لعلم الأجنة .

4-   لا نستطيع ولا يستطيع العلم توقيت وقت النفخ الروح في الجسد، ولكن من نصوص الورادة نعم علم يقين أن النفخ يكون بعد المراحل الثلاث، التي هي أربعين يوما، ولا يمكن للعلم تحديد ذلك، بالحركة، لأن الحركات منها الإرادية ومنها غير الإرادية .

 

 

 

 




 

فهرس المصادر والمراجع

 

المراجع

·          القرآن الكريم

ابن القيم : محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ابن القيم الجوزية تحفة المودود بأحكام المولود،  الناشر : مكتبة دار البيان – دمشق الطبعة الأولى ، 1391 - 1971تحقيق : عبد القادر الأرناؤوطعدد الأجزاء : 1

ابن القيم : محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ابن القيم الجوزية التبيان في أقسام القرآن

الناشر : دار الفكر عدد الأجزاء : 1

ابن حجر أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي فتح الباري شرح صحيح البخاري

الناشر : دار المعرفة - بيروت ، 1379 عدد الأجزاء : 13

·          ابن حنبل، أبو عبدالله أحمد الشيباني ، الكتاب : مسند الإمام أحمد بن حنبل  ط1، (القاهرة: مؤسسة قرطبة ، 1424هـ).

ابن قتيبة: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، تأويل مختلف الحديث الطبعة الثانية ، المكتب الاسلامي - مؤسسة الإشراق الطبعة : السادسة ،  دار ابن كثير ، دار الكلم الطيب

ابن منظور : محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري: لسان العرب

الناشر : دار صادر – بيروت الطبعة الأولى

·          الألباني : محمد ناصر الدين ، صحيح أبي داود ط1، (الكويت: مؤسسة غراس للنشر والتوزيع، ، 1423 هـ - 2002م)

·          الألباني : محمد ناصر الدين. الكتاب : صحيح وضعيف سنن النسائي مركز نور الإسلام لأبحاث القرآن والسنة بالإسكندرية ط3، (بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، 1406 – 1986).

البار : د. محمد علي البار خلق الإنسان بين الطب والقرآن، الناشر : الدار السعودية

·          البخاري ، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ، أبو عبد الله صحيح البخاري ط1 (مصر/ القاهرة: دار الشعب ، 1407 – 1987).

·          الحاكم : أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفى عطا ، ط1 ،لبنان – بيروت دار الكتب العلمية –1411هـ .

د. زغلول النجار : خلق الإنسان في القرآن الكريم ، الناشر دار المعرفة، جزء واحد .

·          السيوطي : عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، ط1، مصر، دار الهجرة ، 1424هـ .

الفيروزآبادي : محمد بن يعقوب الفيروزآبادي القاموس المحيط  عدد الأجزاء : 1

القاضي عياض : العلامة القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي 544 هـ ، الكتاب : إكمال المعلم شرح صحيح مسلم -  محقق: الدكتور يحْيَى إِسْمَاعِيل ، ط1 مصر ، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، 1998 م .

القاضي عياض : العلامة القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي إكمال المعلم شرح صحيح مسلم - للقاضي عياض، تحقيق: الدكتور يحْيَى إِسْمَاعِيل، الطبعة: الأولى، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر

 

القرطبي : أبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ الحافظ ، الأنصاريُّ القرطبيُّ ، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

 

موفق شريف جنيد ، علم الجنين، الناشر: مديرية الكتب والمطبوعات- 1997

النسائي : أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن (سنن النسائي )المجتبى من السنن، تحقيق : عبدالفتاح أبو غدة  ط2، سوريا: مكتب المطبوعات الإسلامية.، 1406 – 1986.

·          النووي : أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري ، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ، (لبنان: دار إحياء التراث العربي ، 1392).

موقع ويب طب https://baby.webteb.com/pregnancy-weeks/8

أطوار الجنين ونفخ الروح .. د. عبدالجواد الصاوي المنشور في مجلة الإعجاز العلمي التابعة للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة

https://www.eajaz.org/index.php/component/content/article/66-Issue-VIII/542-Phases-of-the-fetus-and-breathed

 



[1] صحيح البخاري كتاب بدء الوحي باب ذكر الملائكة برقم ( 3208) (4/  135)

[2] صحيح مسلم كتاب القدر باب كيفية الخلق الآدمي ـ برقم 6893 (8/  44)

[3]  صحيح مسلم كتاب القدر باب كيفية الخلق الآدمي برقم ( 6896) 8/45

[4] لسان العرب (9/  203)

[5] القاموس المحيط (ص: 1107)

[6] تاج العروس من جواهر القاموس (24/  419)

[7] د. المطلق ود. عبدالجواد ( بحوث الإعجاز العلمي أثرها في القضايا الفقيهية )  https://cutt.us/Cxq5V

[8] القاموس المحيط (ص: 1175)

[9] لسان العرب (10/  261)

[10] شرح الأربعين النووية (15/   عطية بن محمد سالم (المتوفى : 1420هـ)

[11] خلق الإنسان بين الطب والقرآن، د. محمد علي البار، ص204، 205.

[12] خلق الإنسان في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، ص465: 467.

[13] خلق الإنسان بين الطب والقرآن، د. محمد علي البار، مرجع سابق، ص203.

[14] لسان العرب (8/  450)

[15] جامع البيان (تفسير الطبري) (18/  569)

[16] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (4/  396)

[17] علم الجنين، د. موفق شريف جنيد، مرجع سابق، ص211، 212.

 

[18] فتح الباري ـ لابن رجب (1/  486)

[19] تحفة المودود بأحكام المولود، لابن القيم (ص: 261)

[20] فتح الباري - ابن حجر (11/  480)

[21] شرح النووي على مسلم ( 16 /190)

[22] فتح الباري لابن رجب ( 1/487)

[23] التبيان في أقسام القرآن (ص: 208)

[24] د. المطلق ود. عبدالجواد ( بحوث الإعجاز العلمي أثرها في القضايا الفقيهية )  https://cutt.us/Cxq5V

 

[25] موقع https://cutt.us/fQmqW

[27] التبيان في أقسام القرآن (ص: 218)

[28] د. المطلق ود. عبدالجواد ( بحوث الإعجاز العلمي أثرها في القضايا الفقيهية )  https://cutt.us/Cxq5V