الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

شرح حديث " فقدت أمة من بني إسرائيل "

 حديث فقدت أمة من بني إسرائيل


المبحث الأول : الحديث
قال الإمام البخاري رحمه الله : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلاَّ الْفَارَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ : أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ r  يَقُولُهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لِي مِرَارًا فَقُلْتُ أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاة.
تخريج الحديث :
 رواه البخاري ( 4/156) برقم (3305), ومسلم (4/ 2294) برقم (2997), وابن ماجه (4/391) برقم (3245). وأحمد (2/ 234 ).

درجة الحديث :
الحديث صحيح رجاله ثقات ، ورواه البخاري .
  المبحث الثاني : مشكل الحديث
كيف يكون للفأر نسل وقد ورد " أن الله تعالى لم يجعل لمسخٍ نسلاً ؟  وكيف الجمع بين الحديثين  ؟

      المبحث الثالث : توضيح الِإشكال
أجاب الجمهور عن الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك: قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر في ذلك ، ولذلك لم يأت الجزم عنه بشيء من ذلك بخلاف النفي فإنه جزم به ، قال أبو العباس الأنصاري في المفهم : كان هذا منه ـ r  ـ ظنًّا ، وحدسا قبل أن يوحى إليه : (( أن الله تعالى لم يجعل لمسخٍ نسلاً )). فلما أوحي إليه بذلك زال عنه ذلك التخوُّف . [1]
وقال النووي رحمه الله
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فُقِدَتْ أُمَّة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ ، وَلَا أَرَاهَا إِلَّا الْفَأْر ، أَلَا تَرَوْنَهَا إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَان الْإِبِل لَمْ تَشْرَبهَا ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَان الشَّاء شَرِبَتْهُ  ) معنى هذا أن لحوم الإبل وألبانها حرمت على بنى إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها فدل بامتناع الفأرة من لبن الابل دون الغنم على أنها مسخ من بنى إسرائيل[2] .
وقد وافقه بعض العلماء بأن الفأر مسخ من بني إسرائيل ، و أنها لما مسخت 

تعاشرت مع أخواتها من الفئران ، ثم ماتوا بعد ثلاث ، وقال بذلك بعض

 المعاصرين و أثبتوا أن بعض تراكيب الفأر تشبه تراكيب الإنسان فلذلك

 يستخدم علماء الطب الفئران لتجاربهم .


ولكن هذا القول متكلف فيه ، لأن حديث ابن عباس الآتي يثبت بأنها لم يكن 

لها نسل فيكيف تعاشر ثم تموت ثم يكون لها نسل ؟ هذا قول بعيد

قال ابن عباس رضي الله عنه  : لم يعِش مسخٌ قط فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم 
يشرب ولم ينسل.
وفي مسلم قال رجل يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- « إن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك »[3] .

المبحث الرابع : مجمل القول
مجمل القول أن النبي r قال ذلك ظناً منه قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر ، و بعد أن علم الحقيقة قال :" إن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا "
فالفأر الموجود اليوم ليس مسخا من بني إسرائيل ، بل كانوا قبل ذلك .
والله أعلم و أحكم

محمد الجابي



[1]المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم المؤلف / الإمام  المحدِّثُ الحافظ  أبو العبَّاس أحمَدُ بنُ أبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ الحافظ ، الأنصاريُّ القرطبيُّ المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم [16 /135]
[2] شرح النووي على مسلم ـ برقم 2997 [18 /124]
[3] رواه مسلم في صحيحه برقم 6943

حديث لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة

الحديث الخامس :حديث لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة
المبحث الأول : الحديث
قال الإمام البخاري رحمه الله : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً. البخاري


المبحث الثاني : المشكل في الحديث
للحديث عن إشكال هذا الحديث لابد أن نعلم أولاً ما المقصود من قوله r " لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة " ؟ هل المقصود كما قال بعض الطاعنين أن الحديث يوحي بالتقليل من شأن المرأة و أن الفشل يلازمها ؟ و أن كل قوم ولّو أمرهم امرأة هم قوم فاشلون لن يفلحوا ؟ أم أن المقصود أن الذين يرتضون ولاية المرأة لن يفلحوا أبدا  ؟ أم المقصود غير ذلك ؟


    المبحث الثالث : توضيح الإشكال
ما المقصود بالحديث : أما التقليل من شأن المرأة  فهو بعيد عن المنهج النبوي وقد جاء في الحديث "إِنَّمَا حُبِّبَ إِلَىَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ " .
أما أن كل قوم ولو أمرهم امرأة هم قوم فاشلون، غير صحيح أيضا ، لأن الواقع يخالف ذلك فالأمم العظمى في التنمية في عصرنا الحديث تقودهم نساء  ،  إما على مستوى الرئاسة كـ ألمانيا ، أو ملكة كـ بريطانيا ، أو وزيرة خارجية كـ أمريكا ، ولا هذا هو المقصود و لا ذاك .
ولكن إذا أمعنا النظر في الحديث فسوف ندرك أن في قوله r " لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة " خبرٌ و تشريع  .
أما الخبر إنما يعرف بالرجوع إلى سبب ورود الحديث فقد جاء في البخاري عن أبي بكرة قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . إذا فالحديث إخبار بأن ملك فارس لن يفلح ، وهذه من علامات نبوته r وذلك ما حصل فلم يدم ملكم طويلا .
قال ابن الجوزي :
سبب قول رسول الله هذا أنه لما قتل شيرويه أباه كسرى لم يملك سوى ثمانية أشهر ويقال ستة أشهر ثم هلك فملك بعده ابنه أردشير وكان له سبع سنين فقتل فملكت بعده بوران بنت كسرى فبلغ هذا رسول الله فقال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة وكذلك كان فإنهم لم يستقم لهم أمر[1] .
والأمر الثاني هو التشريع والحكم :-
فهو حكم بعدم جواز تولية المرأة للولاية العامة ، قال الحافظ ابن حجر: (قال الخطابي: في الحديث أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء وفيه أنها لا تزوج نفسها، ولا تلي العقد على غيرها,.
كذا قال، وهو متعقب,, والمنع من أن تلي الإمارة والقضاء قول الجمهور، وأجازه الطبري، وهو رواية عن مالك,, وعن أبي حنيفة تلي الحكم فيما تجوز فيه شهادة النساء)
وعلق القاضي أبو بكر بن العربي بقوله: (هذا يدل على أن الولاية للرجال ليس للنساء فبها مدخل بإجماع,, اللهم إلا أن أبا حنيفة قال: تكون المرأة قاضية فيما تشهد به, يعني على الخصوص: بأن يجعل إليها ذلك الرأي، أو يحكمها الخصمان,, وقد روي أن عمر (رضي الله عنه) روي أن عمر قدم امرأة على حسبة السوق .
قال الإمام البغوي : اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا قاضياً ، لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد ، والقيام بأمور المسلمين ، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات ، والمرأة عورة لا تصلح للبروز ، وتعجز لضعفها عند القيام بأكثر الأمور[2] .
وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن المرأة تلي المناصب الإدارية في ما عدا الولاية العامة والقضاء .
ولكن بعض المعاصرين يرون بجواز ولاية المرأة للولاية العامة والقضاء ، وقالوا : أن المقصود بالولاية العامة الخلافة ، وقد انتهت تلك الولاية مع سقوط الدولة العثمانية ، و قالوا بأن الولاية العامة قد انتقلت من ولاية فردية إلى ولاية مؤسساتية ، و كذلك القضاء فقد تحول من اجتهاد فردي إلى قوانين ونظم مؤسساتية ، فالقاضية لا تحكم باجتهادها ، بل بقوانين و أنظمة ، وإنما هي منفذة فحسب ، وقد امتدح الله نظام ملك بلقيس لأنه كان نظاماً شورياً  .
ولكن هذه الأقوال لا تقوم أمام الأدلة المذكورة و إن كانت وجيهة ، لأن ما يلزم الحاكم الفردي هو ما يلزم الحاكم بالقوانين المنصوصة من بروز و ظهور ومخالطة للرجال ، واجتهاد في بعض الأمور ، والوقوف على بعض القضايا بنفسه .
و لأن الولاية مهمة صعبة ومسؤولية شاقة فإن الإسلام قد رعى هذا الجانب ، فمن سنن الله سبحانه وتعالى أنه لم يجعل للمهمات الثقيلة الصعبة إلا من هيأهم لذلك قال تعالى : "وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [3]"
فمهمة الأنبياء ثقيلة قوية ولاتناسب إلا الرجال والخالق هو أعلم بمن خلق .
وكذلك في أمور القتال و الجهاد فليس للمرأة في الإسلام جهاد أو قتال ، لأنه لا يناسب طبيعة النساء ، فكيف للمرأة أن تتولى الشؤون العامة للدولة .
قال تعالى : " وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى" [4]
ولم يمنع الدين ذلك سدى بل لحكم كثيرة نذكر بعضها :-
1- أن طبيعة المرأة لا تتوافق مع الولاية و أعمالها بما فيها القتال والحدود والقصاص .
2-  أن الوالي مأمور بالبروز للقيام بشأن الرعية ، والمرأة عورة لا تصلح لذلك .
3-  من طبيعة المرأة أنها تقدم العاطفة على كل شيء فهي تحكم بعاطفتها في أغلب الأحيان.
4-    أن المرأة متقلبة المزاج وكثيرة النسيان
ففي دراسة حديثة قام بها علماء في (سيدني ـ أستراليا) ونشرت نتائجها على شبكة CNN وشبكة BBC الإخبارية بعنوان الدراسة
:( Pregnancy does cause memory loss, study says ) 
الحمل يجعل الذاكرة أقل، الدرسة تقول ذلك، أثبتت الدرساة أن الحمل يتسبب بضعف ذاكرة النساء، وأن هذه الحالة تستمر لفترة ما بعد الولادة أحياناً حيث يتسبب الحمل في تناقص طفيف في عدد خلايا الذاكرة لدماغ الأم الحامل.
وقالت جوليا هنري، وهي إحدى العاملات على البحث من جامعة نيوساوث ويلز بسيدني، لشبكة CNN : ما وجدناه هو أن المجهود الذهني المرتبط بتذكر تفاصيل جديدة أو أداء مهام متعددة المراحل، يصاب باضطراب. وأضافت: قد تعجز المرأة الحامل مثلاً عن تذكّر رقم جديد، لكنها ستستعيد بسهولة الأرقام القديمة التي كانت تطلبها على الدوام. وقالت هنري إنها قامت بمساعدة الدكتور بيتر ريندل، بوضع هذه الدراسة بالاعتماد على تحليل 12 بحث شمل مسحاً لقدرات النساء الذهنية قبل الولادة وبعدها.

 المبحث الرابع : مجمل القول
مجمل القول في هذا الحديث أنه يحتوي على خبر بأن الفرس لن ينتصروا و تشريع بحرمة تولية النساء ، لأن طبيعة المرأة بالعموم والمسلمة بالخصوص لا يتناسب مع هذا العمل والله أعلم .



[1] ) أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي كشف المشكل من حديث الصحيحين: دار الوطن - الرياض - 1418هـ - 1997م
(ص: 325)
1) شرح السنة ـ للإمام البغوى متنا وشرحا (جـ 10/ صـ77ـ)

[3] سورة الأنبياء آية : 7
[4] آل عمران آية : 36

حديث سجود الشمس

الفصل الرابع : حديث سجود الشمس
    المبحث الأول : الحديث
 3199- قال الإمام البخاري رحمه الله : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنَ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلاَ يُقْبَلَ مِنْهَا وَتَسْتَأْذِنَ فَلاَ يُؤْذَنَ لَهَا يُقَالُ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.
تخريج الحديث:
رواه البخاري (3/1170) رقم الحديث (3199), وأيضا في (4/1706) رقم الحديث (4524), والنسائي في السنن الكبرى (10/229), ورواه أحمد (5/152-158-177),
تراجم الرجال:
1-الاسم : محمد بن يوسف البخارى ، أبو أحمد البيكندى ، و يقال الباكندى ( أيضا )
الطبقة :  10 : كبارالآخذين عن تبع الأتباع
روى له :  خ  ( البخاري )
رتبته عند ابن حجر :  ثقة .     رتبته عند الذهبي :  لم يذكرها
2-الاسم : سفيان بن عيينة بن أبى عمران : ميمون الهلالى ، أبو محمد الكوفى ، المكى ، مولى محمد بن مزاحم ( أخى الضحاك بن مزاحم )
المولد :  107 هـ .    الطبقة :  8  : من الوسطى من أتباع التابعين
الوفاة :  198 هـ بـ مكة
روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن حجر :  ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بأخرة و كان ربما دلس لكن عن الثقات ، و كان أثبت الناس فى عمرو بن دينار
رتبته عند الذهبي :  أحد الأعلام ، ثقة ثبت حافظ إمام
3-الاسم : سليمان بن مهران الأسدى الكاهلى مولاهم ، أبو محمد الكوفى الأعمش ( و كاهل هو ابن أسد بن خزيمة )
المولد :  61 هـ .  الطبقة :  5  : من صغار التابعين
الوفاة :  147 أو 148 هـ
روى له :  خ م د ت س ق( البخاري - مسلم- أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه)
رتبته عند ابن حجر :  ثقة حافظ عارف بالقراءات ، ورع ، لكنه يدلس
رتبته عند الذهبي :  الحافظ ، أحد الأعلام
4-الاسم : إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمى ، أبو أسماء الكوفى ( من تيم الرباب ، و كان من العباد )
المولد :  152 هـ . الطبقة :  5  : من صغار التابعين
الوفاة :  192 هـ
روى له :خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود- الترمذي - النسائي - ابن ماجه)
رتبته عند ابن حجر :  ثقة إلا أنه يرسل و يدلس . رتبته عند الذهبي :  كان رأسا فى العلم
5-الاسم : يزيد بن شريك بن طارق التيمى ، تيم الرباب ، الكوفى ( والد إبراهيم التيمى )
الطبقة :  2  : من كبار التابعين .  الوفاة :  في خلافة عبد الملك
روى له :خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي- ابن ماجه)
رتبته عند ابن حجر :  ثقة .    رتبته عند الذهبي :  ثقة
6-الاسم : أبو ذر الغفارى ، اسمه جندب بن جنادة ( على الأصح ، اختلف فى اسمه و اسم أبيه خلافا كثيرا ، و هو أخو عمرو بن عبسة لأمه )
الطبقة :  1 : صحابى .  الوفاة :  32 هـ بـ الربذة
روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن حجر :  صحابي
رتبته عند الذهبي :  صحابي ( قال : قال النبي r:"ما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبى ذر " )
درجة الحديث :
الحديث صحيح رواته ثقات ، ورواه البخاري .

  المبحث الثاني : المشكل في الحديث
ما المقصود بسجود الشمس ؟ لأننا نراه على الدوام ، ولا نراه يقف أبدا ، فكيف يذهب ويسجد و نحن نراه ؟

المبحث الثالث : توضيح الإشكال
لمعرفة المراد من هذا الحديث والإشكال الوارد فيه لابد لنا أن نعلم أولاً  معنى السجود الوارد في الحديث ولفظ الغروب والتعقيب عليه بلفظ الذهاب وحرف "حتى" الدال على الغاية والحد والقول في عرش الرحمن سبحانه وتعالى  .
أول هذه المسائل معنى لفظ السجود الوارد في الحديث ، و قد يتوهم البعض من معنى السجود توافر الأعضاء والأطراف التي في بني آدم لتحقيق السجود بالنسبة للشمس ولا يلزم هذا كما هو معلوم. وبهذا يكون قد التبس عليه المعنى الاصطلاحي الذي يستعمله الفقهاء في شرحهم لكيفية السجود في الصلاة بالمعنى اللغوي الذي هو أوسع دلالة وأكثر معنى مما دل عليه الاصطلاح.
ومن معاني السجود في اللغة الخضوع كما ذكره ابن منظور وغيره. وعليه يُحمل ما في هذا الحديث وهو المقصود في قوله تعالى في آية الحج:" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء (18) [1]" 
قال ابن كثير رحمه الله :" يخبر تعالى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له فإنه يسجد لعظمته كل شيء طوعا وكرها وسجود كل شيء مما يختص به" ا.هـ.[2]
وعليه فسجود الشمس مما يختص بها ولا يلزم أن يكون سجودها كسجود الآدميين كما أن سجودها متحقق بخضوعها لخالقها وانقيادها لأمره وهذا هو السجود العام لكل شيء خلقه الله كما في آية الحج السابقة إذ كل شيء من خلق الله تعالى يسجد له ويسبح بحمده ، قال تعالى في آية النحل:" وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ [3] " والشمس داخلة في دواب السماء لأن معنى الدبيب السير والحركة والشمس متحركة تجري لمستقر لها كما هو معلوم بنص القرآن وكما هو ثابت بالعقل من خلال علوم الفلك المعاصرة إذ أنها تدور حول نفسها ويسمون ذلك التفافا وهو دوران الشيء حول نفسه وذلك في خلال سبعة وعشرين يوما أرضيا وتدور(مع المجموعة الشمسية) حول مركز المجرة اللبنية بسرعة تقترب من 220 كيلومترا في الثانية. وكل في فلك يسبحون.
ولكن لو قال قائل:"هل تنتفي صفة السجود عن الشمس إذا كانت لا تسجد إلا تحت العرش فلا تكون خاضعة إلا عند سجودها تحت العرش وفي غير ذلك من الأحايين لا تكون؟
والجواب أن الشمس كما قدمنا لها سجدتان: سجود عام مستديم وهو سجودها المذكور في آية النحل والحج مع سائر المخلوقات وسجود خاص يتحقق عند محاذاتها لباطن العرش فتكون ساجدة تحته وهو المذكور في الحديث وفي كلا الحالتين لا يلزم من سجودها أن يشابه سجود الآدميين لمجرد الاشتراك في لفظ الفعل الدال عليه. ومن أمثلة ذلك من واقعنا أن مشي الحيوان ليس كمشي الآدمي وسباحة السمك والحوت ليست كسباحة الإنسان وهكذا مع أنهم يشتركون في مسمى الفعل وهما المشي والسباحة. 
هذه مسألة. أما المسألة الثانية فكما أنه يلزم من سجودنا التوقف عن الحركة لبرهة من الزمن وهو الاطمئنان الذي هو ركن في الصلاة فإنه لا يلزم بالمقابل أن يتوقف جريان الشمس لتحقيق صفة السجود. لأننا رأينا دلالة عموم لفظ السجود من آيتي الحج والنحل ومن شواهد لغة العرب على أن السجود هو مطلق الخضوع للخالق سبحانه. ومن المعلوم أن السجود عبادة والله قد تعبد مختلف مخلوقاته بما يناسب هيئاتها وصفاتها وطبائعها فكان الانحناء والنزول للآدميين وكان غير ذلك من كيفيات السجود لسائر الكائنات والمخلوقات مع اشتراكهما في عموم معنى السجود الذي هو الخضوع لله تعالى طوعا أو كرها.
ومثال ذلك طواف الرجل حول الكعبة إذ لايلزمه أن يقف عند الحد الممتد من الحجر الأسود ليتحقق حساب طواف كامل إذ أنه حتى لو طاف وواصل مسيره وتجاوز الحد دون الوقوف لاستلامه ، بل أشار بيده فإنه يتحقق له شوط كامل ويكون قد قضى جزءا من شعيرة الطواف دون أن يقف عند الحد الذي ذكرنا ، وكذلك الشمس تجري في الفلك ونراها تشرق وتغرب دائبة ومع ذلك لها سمت أو منتهى يقابلها على وجه الأرض تسجد عنده لله تعالى ويكون ذلك السمت أو الحد مقابلاً في تلك اللحظة لمركز باطن العرش كما أشار إلى ذلك ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية.
ومع أن الشمس و المخلوقات بأجمعها تحت العرش في كل وقت إلا أنه لا يلزم أن تكون المخلوقات بأجمعها مقابلة لمركز باطن العرش لأن العرش كالقبة على السماوات والمخلوقات ، والشمس في سجودها المخصوص إنما تحاذي مركز باطن العرش فتكون تحته بهذا الاعتبار كما ذكره ابن كثير في البداية بشأن المحاذاة التحتية للعرش ، وكما قرره ابن تيمية رحمه الله في فتاواه وسائر أئمة أهل السنة من حيث أن العرش كالقبة وهو معلوم من حديث الأعرابي الذي أقبل يستشفع بالرسول r  وقصته مشهورة ثابتة.
وقد يسأل سائل فيقول:"إذاً كيف يكون الله بكل شيء محيط؟" والجواب أن الله عز وجل غير العرش. فالله جل جلاله مستوٍ عليه استواء يليق بجلاله وعظمته إذ أن الله هو المحيط بكل شيء وليس العرش وقد أنكر ابن تيمية على المخالفين الذي يرون أن العرش مستدير مع استدارة الأفلاك لأنهم تركوا صحيح المنقول من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نص على أن العرش كالقبة وليس كالدائرة. وهذا هو الصواب لموافقته للأدلة الثابتة. وهو ما دل عليه العقل قديما عند المتقدمين وحديثا عند الفيزيائيين بشأن انحناء الكون ولكن لا يلزم من هذا القول باستدارة العرش استدارة كاملة لأن العرش غير السماوات من جهة ولأنه لو كان العرش مستديراً لكانت الشمس – والمخلوقات - "داخل" العرش لا "تحته" وظرف التحتية أنسب لحال العرش الذي هو كالقبة ولذلك قال اين تيمية في مجموع الفتاوى:" لم يثبت بدليل يعتمد عليه أن " العرش " فلك من الأفلاك المستديرة الكروية الشكل ؛ لا بدليل شرعي . ولا بدليل عقلي . " ا.هـ.[4] 
وهذا السمت أو الحد أو المنتهى المعبر عنه في الحديث بالحرف "حتى" للدلالة على الغاية والحد فهو كالسمت (ولا أقول هو السمت) الذي نصبه الجغرافيون على الخارطة الأرضية ويسمونه خطوط الطول الممتدة بأعداد متتالية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب فإذا حاذت الشمس سمت أو حد السجدة مع محاذاتها في ذات الوقت لمركز باطن العرش فإنها تسجد سجودا على الكيفية التي لا يلزم منها أن توافق صفة سجود الآدميين وعلى هيئة لا تستلزم توقف الشمس عن الحركة وضربنا على ذلك مثال الطواف بالبيت. 
أما هذا السمت أو الحد أو المنتهى - كما قال الإمام ابن عاشور- فإنه لا قبل للناس بمعرفة مكانه. قال رحمه الله في التحرير والتنوير في تفسير قوله تعالى "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)"  [5]
"
وقد جعل الموضع الذي ينتهي إليه سيرها هو المعبر عنه بتحت العرش وهو سمت معيّن لا قبل للناس بمعرفته، وهو منتهى مسافة سيرها اليومي، وعنده ينقطع سيرها في إبان انقطاعه وذلك حين تطلع من مغربها، أي حين ينقطع سير الأرض حول شعاعها لأن حركة الأجرام التابعة لنظامها تنقطع تبعاً لانقطاع حركتها هي وذلك نهاية بقاء هذا العالم الدنيوي" ا.هـ.
والخلاصة أن سجود الشمس على المعنى الذي ذكرناه غير ممتنع أبدا وبما ذكرنا يزول الإشكال إن شاء الله ولا يخالف الحديث صريح العقل إنما قد يخالف ما اعتاد عليه العقل وألفه وهذا ليس معياراً تقاس بها الممكنات في العقل فضلاً عن الممكنات في الشرع لأن الله على كل شيء قدير ولأن العادة نسبية باعتبار منشأ الناس واختلاف مشاربهم ومجتمعاتهم وعلمهم.
هذا وبقي في الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم فائدتان لطيفتان تزيلان لبساَ كثيراً.فالأولى في قوله عليه الصلاة والسلام:" فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش" عند البخاري وغيره. ولم يقل عليه الصلاة والسلام أنها "تغرب تحت العرش" أو "حتى تغرب تحت العرش" وهذا فهم توهمه بعض الناس الذين أشكل عليهم هذا الحديث وهو فهم مردود لأن ألفاظ الحديث ترده. فقوله:"تذهب" دلالة على الجريان لا دلالة على مكان الغروب لأن الشمس لا تغرب في موقع حسي معين وإنما تغرب في جهة معينة وهي ما اصطلح عليه الناس باسم الغرب والغروب في اللغة التواري والذهاب كما ذكره ابن منظور وغيره يقال غرب الشيء أي توارى وذهب وتقول العرب أغرب فلان أي أبعد وذهب بعيداً عن المقصود.
أما الثانية فهي في قوله صلى الله عليه وسلم:" فتصبح طالعة من مطلعها ثم ‏ ‏تجري لا يستنكر الناس منها شيئا" والشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم:" لا يستنكر الناس منها شيئا". وكأن في هذا دلالة ضمنية بأن هناك من الناس ممن يبلغه هذا الحديث من قد يستشكله فيتوهم أن الشمس تقف أو تتباطأ للسجود فينكر الناس ذلك ويرهبونه. إلا أنه صلى الله عليه وسلم أشار في الحديث إلى جريان الشمس على عادتها مع أنها تسجد ولكنه سجود غير سجود الآدميين ولذلك تصبح طالعة من مطلعها تجري لا يستنكر الناس منها شيئاً ويتضح من كلامه صلى الله عليه وسلم مفهوم المخالفة الدال على عدم استنكار الناس رغم سجود الشمس واستئذانها وكما قدمنا فإن سجود الشمس لا يستلزم وقوفها وهو اللبس الذي أزاله صلى الله عليه وسلم بقوله:" فتصبح طالعة من مطلعها ثم ‏ ‏تجري لا يستنكر الناس منها شيئا" كما أن العقل يدل على ذلك إذ أن فرق المسافة التي يقطعها الضوء القادم من الشمس إلى الأرض يبلغ حوالي ثمان دقائق وهذا يعني أنه لو حدث خطب على الشمس أو فيها فإننا لا نراه إلا بعد ثمان دقائق من حصوله وعليه فلا يمنع أن تكون الشمس ساجدة في بعض هذا الوقت ولو بأجزاء من الثانية لله تعالى تحت عرشه ونحن لا نعلم عن ذلك لغفلتنا وانشغالنا بضيعات الدنيا. ولهذا يقول الله تعالى:" وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ "[6] والإعراض صور متعددة منها الغفلة واللهو عن تدبر الآيات كونية وشرعية ولذلك فإن البعض ممن ساء فهمهم لبعض الآيات و الأحاديث إنما أوتوا من قبل أنفسهم بعدم إمعان النظر في آيات الله الكونية وبهجرهم لتدبر كتاب الله وإعراضهم عن التفقه في سنة رسول الله مع عزوفهم عن الاستزادة من العلوم الدنيوية النافعة في هذا الباب. 

المبحث الرابع : مجمل القول
أن الشمس تسجد على صفة مخصوصة منفصلة بهيئتها وصورتها عن معتاد التصور ولكن من حيث أصل المعنى داخلة في عموم معنى الخضوع الدال عليه لفظ السجود لغة لا اصطلاحاً كصنيعنا في الصلاة من حيث الهبوط والنزول والطمأنينة والتوقف لبعض الوقت ولو كان سجود الشمس كسجودنا لتعطلت مصالح العباد وفسدت معيشتهم والله تعالى يقول:" لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ  "[7] ، والفلك من قول العرب تفلك إذا استدار، وقال ابن عباس : في فلك مثل فلكة المغزل أ.هـ. وفلكة الغزل عندهم كانت مستديرة لتناسب إتمام نسج اللباس ومنه جاء معنى الاستدارة. 
ولكن ..  لا يلزم من سجود الشمس وقوفها لفعل السجود الوارد في الحديث لما يلي:
أ- أن سجود الشمس من حيث الخصوص لا يلزم منه أن يكون كسجود الآدميين من حيث الوقوف للطمأنينة ونحوه.
ب- أنه يحصل السجود منها وهي سائرة ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: "وعن ابن عباس انه قرأ:‏ والشمس تجري لا مستقر لها، وهي قراءة لابن مسعود أيضا ،  أي‏:‏ ليست تستقر، فعلى هذا تسجد وهي سائرة‏.‏[8]

والله تعالى أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.









[1] الحج آية 18
[2] تفسير القرآن العظيم المؤلف : أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي [ 700 -774 هـ ] المحقق : سامي بن محمد سلامة
الناشر : دار طيبة للنشر والتوزيع (جـ5/ صـ403)
[3] النحل اية (49)
[4] مجموع الفتاوى المؤلف : تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى : 728هـ) المحقق أنور الباز - عامر الجزار (جـ6/ص546)

[5] يس (38)
[6] يوسف آية (105)
[7] يس (40)
[8] المحتسب لابن جني