حياة المــرء أولــــها بكـــاء
وآخر أمـــره فيــها فـنــــاء
وبينهما تموج به الحيــــــاة
فنعمتـــها ونقـمتها ســـواء
يرى من كل نائبة صروفـــا
وليـــس لحــاله فيها بـقـــاء
فلا فرح يدوم على ابن أنثى
ولا فـقــر يــدوم ولا ثـــراء
كذا عيش الفتى حينا سعيدا
وأحيانا يـطول به الـشقـــاء
وأعظم مايلاق المرء فيـها
من النكبات إن عــظم البلاء
فراق أحبة في الله كانــــوا
على ود يفيض بـه الــنقـــاء
فإن البعد يورثني همومـــا
فيصبح خاطري فـيها هــواء
فقد قرب البعاد بنــا وإنــي
سأبغي (قبل ما يـئن) الـدواء
فقبل البين قد زيد اشتياقي
فقلبي مكلم عيني سمــــــــــاء
فكيف إذا تباعدنا وكــــــنا
على الأرجاء وقد بعد اللقـاء
إذا مرت بذهنــــي ذكريــــات
سنـون أومضت فيها الضياء
كأطياف الرؤى حلت وغابـت
كما أخفى دجى الليل الســناء
تهاطلت الدموع على جفوني
كماء الودق إذ قال الســمــاء
واذكرني وأخداني وصحـبـي
بدار العلم يحويــنــا الصـفـاء
واذكر رفقة ملؤوا فــــؤادي
وكان الصدق فيـهم والوفــاء
رياض الحب كنا فيها نـزهو
تلاقينا فكـان لــنـــا ارتــقــاء
كأنا كالطيــور إذا تســامــت
بقــلب واحـــد ولـــهـــا حداء
ركبنا الفلك بسم الله نجـــــــري
( إلى العلياء) قد كان النــــداء
ببحر العلم كان الفلك يســـــري
منافع لا ترى فيــها انتـــهـــاء
وكان يقودنا فــــيه شيـــــــوخ
لـهـــم في كل دائــــرة لـــــواء
هموا بدر الذي في الليل يسري
هموا شمس المعارف والسخاء
سقونا من كؤوس العلم غـرفا
فنعم المستقى نــعـم الســـقــــاء
شربنا منهلا عذبـــــا فـــــــراتا
على ظمأ فكان لــــنا ارتـــــــواء
كتاب الله والسنـــن العوالــــــي
وأعــــلام لـــذكرهم بــــــقــــــاء
وردنا البــحـر غايتــــه ولمّــــا
يكون لنا بلقيانـــــا اشـتـــفــــاء
لئن شط النوى هذا التلاقــــــي
وجز لقاؤنا بكــــــم القضـــــــاء
فلم تزل القلوب لهــا اتــصـــال
رحلنا والنـــفــــوس لها الـتقاء
بكى قلمي ومحبرتي ورســـمي
فسال الحـــبـــر وارتسم الـبـكاء
دعوني اسكب العبرات إنـــــي
كليل القلب لا أقــوي الجـــــلاء
بكت مني المحاجر والمآقــــي
وسالت أدمــــعي وبــي اكتـواء
ألا ياعين صبرا ثم صبـــــــرا
وأيم الله في هـــــذا الـــــــعزاء
فما هذا الفراق سوى اتصــــال
ستجمعنا المحبة والإخــــــــــاء
أيا رباه فاجمعنا جمــــيــــــــعا
بجنـــــات إذا حــــل الجـــــزاء
وبلغنا منابــــــــــــر نيــــــرات
فيغبطنا عليها الأنـبــيـــــــــــاء
وأوردنا جنان الخــــــــــلد ربي
تقبـــــــل ربنا منا الدعــــــــــاء
إذا هبت رياح الحــــب يـــوما
وأسمعتم من الطير الـحـــــــداء
وفوق البان رنّمت الطيـــــــور
صفير و هديل أو غنـــــــــــــاء
فتلك تحيتي فلـــــتــــــعرفوها
وآي الحب يرسله الخفـــــــــاء