الاثنين، 5 أكتوبر 2015

قصيدة ابنة البردة

ابنة البردة

هبت رياح الصبا من ساحة الحرم ** فهاجت النفس بالأنغام والحكم

ورنم الطير في الآجام ألحانا  ** فلتطرب القوم يا طيرا على الأجم

وروحِ النفس واطربها بأغنيةٍ ** تصور الحب بالأخلاق والشيم

والحب يقتل أقواما ويوجدهم ** والحب كالروح يحيي كل ذي نسمِ

ومن يعيش بال حب فليس له ** من الحياة سوى مرا من الأدم

عين الحياة وعين الحب واحدة ** تصب في نفس ولهان ومغترم

والنفس إن عوّدت حب الهوى تهوى ** والخير إن ألزمت النفس تلتزم

والنفس لا تهتدي إلا إذا امتلأت ** حب النبي وحب الصادق العلم

حب الذي قد أتى الناس في سفه** كل له ربٌ يفديه بالنعم

فإن مررت بهم .. أدركت مقصدهم ** هذا إلى وثنٍ هذا إلى صنم

وذا يواري بكفيه بُنيّته ** خوفا من الفقر أو من لؤم ملتئم

وذا يدور بكأس الخمر ملتطما ** بالصبح مكبولٌ .. ثملٌ من الغسم

فأصبحت مكة الغراء موحشة ** كالفلك في البحر بالأمواج تلتطم

حتى أتاها سحاب الخير فارتجّت ** أركان كسرى .. وجاء البشر بالنعم

والجن قد منعت من كل مسترق ** من السماء وقد ملئت من الرجم

والنار قد خمدت .. قبحا لعابدها ** من المجوس فلا نارٌ ستضطرم

قد أدرك الناس منهم يوم مولده ** بأن دينهم المعوج لن يدم

كأنه الصبح بعد الليل يفلقه ** كأنه البدر في داج من الظلم

كأنه الغيث أحيا أرض ميتة ** كأنه الروح يحيي كل ذي نسم

قد لقبوه أمينا قبل بعثته ** وما أمين على زورٍ بمتهم

فسل حراء عن الهادي وخلوته ** وسل حراء عن الآيات والحكم

ومن حراء أتاه الروح يسأله ** اقرأ محمد لا تخشى ولا تهم

اقرأ محمد بسم الله معتصما ** فليس يخسر من بالله يعتصم

لما أتيتَ رسول الله فانقشعت ** سحائب الجهل في طياتها الظلم

أخرجت قومك من وحل الظلام إلى ** نور الهداية بالأخلاق والقيم

يا أحسن الخلق في خَلق وفي خُلق ** لمنك ينبع بحر الجود والكرم

يا أجمل الخلق حسنا في تعامله ** حويت كل خصال الخير والعظم

يا صاحب الحوض في الأخرى إذا ازدحمت ** كل الخلائق من عرب ومن عجم

يا شافعا كلنا نبغي شفاعته ** يوم الكروب وهول الخطب والعمم

يا أحسن الخلق في الدنيا بسيرته ** عجز البيان وقول والشعر يزدحم

لو صير البحر حبرا في مدائحه ** لأصبح البحر في يوم من العدم

يا أروع الخلق لي فخرٌ بتسميتي ** محمد .. ومن برسول الله يتّسم

وصلِ رب وسلم دائما أبدا ** على النبي وخير الخلق كلهم

وصل رب عليه كل مبتدئٍ ** وصل رب عليه كل مُختتمِ

                                   محمد الجابي 2/2/ 1424هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق