الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

حديث لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة

الحديث الخامس :حديث لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة
المبحث الأول : الحديث
قال الإمام البخاري رحمه الله : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً. البخاري


المبحث الثاني : المشكل في الحديث
للحديث عن إشكال هذا الحديث لابد أن نعلم أولاً ما المقصود من قوله r " لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة " ؟ هل المقصود كما قال بعض الطاعنين أن الحديث يوحي بالتقليل من شأن المرأة و أن الفشل يلازمها ؟ و أن كل قوم ولّو أمرهم امرأة هم قوم فاشلون لن يفلحوا ؟ أم أن المقصود أن الذين يرتضون ولاية المرأة لن يفلحوا أبدا  ؟ أم المقصود غير ذلك ؟


    المبحث الثالث : توضيح الإشكال
ما المقصود بالحديث : أما التقليل من شأن المرأة  فهو بعيد عن المنهج النبوي وقد جاء في الحديث "إِنَّمَا حُبِّبَ إِلَىَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ " .
أما أن كل قوم ولو أمرهم امرأة هم قوم فاشلون، غير صحيح أيضا ، لأن الواقع يخالف ذلك فالأمم العظمى في التنمية في عصرنا الحديث تقودهم نساء  ،  إما على مستوى الرئاسة كـ ألمانيا ، أو ملكة كـ بريطانيا ، أو وزيرة خارجية كـ أمريكا ، ولا هذا هو المقصود و لا ذاك .
ولكن إذا أمعنا النظر في الحديث فسوف ندرك أن في قوله r " لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة " خبرٌ و تشريع  .
أما الخبر إنما يعرف بالرجوع إلى سبب ورود الحديث فقد جاء في البخاري عن أبي بكرة قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . إذا فالحديث إخبار بأن ملك فارس لن يفلح ، وهذه من علامات نبوته r وذلك ما حصل فلم يدم ملكم طويلا .
قال ابن الجوزي :
سبب قول رسول الله هذا أنه لما قتل شيرويه أباه كسرى لم يملك سوى ثمانية أشهر ويقال ستة أشهر ثم هلك فملك بعده ابنه أردشير وكان له سبع سنين فقتل فملكت بعده بوران بنت كسرى فبلغ هذا رسول الله فقال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة وكذلك كان فإنهم لم يستقم لهم أمر[1] .
والأمر الثاني هو التشريع والحكم :-
فهو حكم بعدم جواز تولية المرأة للولاية العامة ، قال الحافظ ابن حجر: (قال الخطابي: في الحديث أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء وفيه أنها لا تزوج نفسها، ولا تلي العقد على غيرها,.
كذا قال، وهو متعقب,, والمنع من أن تلي الإمارة والقضاء قول الجمهور، وأجازه الطبري، وهو رواية عن مالك,, وعن أبي حنيفة تلي الحكم فيما تجوز فيه شهادة النساء)
وعلق القاضي أبو بكر بن العربي بقوله: (هذا يدل على أن الولاية للرجال ليس للنساء فبها مدخل بإجماع,, اللهم إلا أن أبا حنيفة قال: تكون المرأة قاضية فيما تشهد به, يعني على الخصوص: بأن يجعل إليها ذلك الرأي، أو يحكمها الخصمان,, وقد روي أن عمر (رضي الله عنه) روي أن عمر قدم امرأة على حسبة السوق .
قال الإمام البغوي : اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا قاضياً ، لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد ، والقيام بأمور المسلمين ، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات ، والمرأة عورة لا تصلح للبروز ، وتعجز لضعفها عند القيام بأكثر الأمور[2] .
وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن المرأة تلي المناصب الإدارية في ما عدا الولاية العامة والقضاء .
ولكن بعض المعاصرين يرون بجواز ولاية المرأة للولاية العامة والقضاء ، وقالوا : أن المقصود بالولاية العامة الخلافة ، وقد انتهت تلك الولاية مع سقوط الدولة العثمانية ، و قالوا بأن الولاية العامة قد انتقلت من ولاية فردية إلى ولاية مؤسساتية ، و كذلك القضاء فقد تحول من اجتهاد فردي إلى قوانين ونظم مؤسساتية ، فالقاضية لا تحكم باجتهادها ، بل بقوانين و أنظمة ، وإنما هي منفذة فحسب ، وقد امتدح الله نظام ملك بلقيس لأنه كان نظاماً شورياً  .
ولكن هذه الأقوال لا تقوم أمام الأدلة المذكورة و إن كانت وجيهة ، لأن ما يلزم الحاكم الفردي هو ما يلزم الحاكم بالقوانين المنصوصة من بروز و ظهور ومخالطة للرجال ، واجتهاد في بعض الأمور ، والوقوف على بعض القضايا بنفسه .
و لأن الولاية مهمة صعبة ومسؤولية شاقة فإن الإسلام قد رعى هذا الجانب ، فمن سنن الله سبحانه وتعالى أنه لم يجعل للمهمات الثقيلة الصعبة إلا من هيأهم لذلك قال تعالى : "وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [3]"
فمهمة الأنبياء ثقيلة قوية ولاتناسب إلا الرجال والخالق هو أعلم بمن خلق .
وكذلك في أمور القتال و الجهاد فليس للمرأة في الإسلام جهاد أو قتال ، لأنه لا يناسب طبيعة النساء ، فكيف للمرأة أن تتولى الشؤون العامة للدولة .
قال تعالى : " وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى" [4]
ولم يمنع الدين ذلك سدى بل لحكم كثيرة نذكر بعضها :-
1- أن طبيعة المرأة لا تتوافق مع الولاية و أعمالها بما فيها القتال والحدود والقصاص .
2-  أن الوالي مأمور بالبروز للقيام بشأن الرعية ، والمرأة عورة لا تصلح لذلك .
3-  من طبيعة المرأة أنها تقدم العاطفة على كل شيء فهي تحكم بعاطفتها في أغلب الأحيان.
4-    أن المرأة متقلبة المزاج وكثيرة النسيان
ففي دراسة حديثة قام بها علماء في (سيدني ـ أستراليا) ونشرت نتائجها على شبكة CNN وشبكة BBC الإخبارية بعنوان الدراسة
:( Pregnancy does cause memory loss, study says ) 
الحمل يجعل الذاكرة أقل، الدرسة تقول ذلك، أثبتت الدرساة أن الحمل يتسبب بضعف ذاكرة النساء، وأن هذه الحالة تستمر لفترة ما بعد الولادة أحياناً حيث يتسبب الحمل في تناقص طفيف في عدد خلايا الذاكرة لدماغ الأم الحامل.
وقالت جوليا هنري، وهي إحدى العاملات على البحث من جامعة نيوساوث ويلز بسيدني، لشبكة CNN : ما وجدناه هو أن المجهود الذهني المرتبط بتذكر تفاصيل جديدة أو أداء مهام متعددة المراحل، يصاب باضطراب. وأضافت: قد تعجز المرأة الحامل مثلاً عن تذكّر رقم جديد، لكنها ستستعيد بسهولة الأرقام القديمة التي كانت تطلبها على الدوام. وقالت هنري إنها قامت بمساعدة الدكتور بيتر ريندل، بوضع هذه الدراسة بالاعتماد على تحليل 12 بحث شمل مسحاً لقدرات النساء الذهنية قبل الولادة وبعدها.

 المبحث الرابع : مجمل القول
مجمل القول في هذا الحديث أنه يحتوي على خبر بأن الفرس لن ينتصروا و تشريع بحرمة تولية النساء ، لأن طبيعة المرأة بالعموم والمسلمة بالخصوص لا يتناسب مع هذا العمل والله أعلم .



[1] ) أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي كشف المشكل من حديث الصحيحين: دار الوطن - الرياض - 1418هـ - 1997م
(ص: 325)
1) شرح السنة ـ للإمام البغوى متنا وشرحا (جـ 10/ صـ77ـ)

[3] سورة الأنبياء آية : 7
[4] آل عمران آية : 36

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق