الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

شرح حديث " فقدت أمة من بني إسرائيل "

 حديث فقدت أمة من بني إسرائيل


المبحث الأول : الحديث
قال الإمام البخاري رحمه الله : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلاَّ الْفَارَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ : أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ r  يَقُولُهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لِي مِرَارًا فَقُلْتُ أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاة.
تخريج الحديث :
 رواه البخاري ( 4/156) برقم (3305), ومسلم (4/ 2294) برقم (2997), وابن ماجه (4/391) برقم (3245). وأحمد (2/ 234 ).

درجة الحديث :
الحديث صحيح رجاله ثقات ، ورواه البخاري .
  المبحث الثاني : مشكل الحديث
كيف يكون للفأر نسل وقد ورد " أن الله تعالى لم يجعل لمسخٍ نسلاً ؟  وكيف الجمع بين الحديثين  ؟

      المبحث الثالث : توضيح الِإشكال
أجاب الجمهور عن الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك: قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر في ذلك ، ولذلك لم يأت الجزم عنه بشيء من ذلك بخلاف النفي فإنه جزم به ، قال أبو العباس الأنصاري في المفهم : كان هذا منه ـ r  ـ ظنًّا ، وحدسا قبل أن يوحى إليه : (( أن الله تعالى لم يجعل لمسخٍ نسلاً )). فلما أوحي إليه بذلك زال عنه ذلك التخوُّف . [1]
وقال النووي رحمه الله
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فُقِدَتْ أُمَّة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ ، وَلَا أَرَاهَا إِلَّا الْفَأْر ، أَلَا تَرَوْنَهَا إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَان الْإِبِل لَمْ تَشْرَبهَا ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَان الشَّاء شَرِبَتْهُ  ) معنى هذا أن لحوم الإبل وألبانها حرمت على بنى إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها فدل بامتناع الفأرة من لبن الابل دون الغنم على أنها مسخ من بنى إسرائيل[2] .
وقد وافقه بعض العلماء بأن الفأر مسخ من بني إسرائيل ، و أنها لما مسخت 

تعاشرت مع أخواتها من الفئران ، ثم ماتوا بعد ثلاث ، وقال بذلك بعض

 المعاصرين و أثبتوا أن بعض تراكيب الفأر تشبه تراكيب الإنسان فلذلك

 يستخدم علماء الطب الفئران لتجاربهم .


ولكن هذا القول متكلف فيه ، لأن حديث ابن عباس الآتي يثبت بأنها لم يكن 

لها نسل فيكيف تعاشر ثم تموت ثم يكون لها نسل ؟ هذا قول بعيد

قال ابن عباس رضي الله عنه  : لم يعِش مسخٌ قط فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم 
يشرب ولم ينسل.
وفي مسلم قال رجل يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- « إن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك »[3] .

المبحث الرابع : مجمل القول
مجمل القول أن النبي r قال ذلك ظناً منه قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر ، و بعد أن علم الحقيقة قال :" إن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا "
فالفأر الموجود اليوم ليس مسخا من بني إسرائيل ، بل كانوا قبل ذلك .
والله أعلم و أحكم

محمد الجابي



[1]المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم المؤلف / الإمام  المحدِّثُ الحافظ  أبو العبَّاس أحمَدُ بنُ أبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ الحافظ ، الأنصاريُّ القرطبيُّ المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم [16 /135]
[2] شرح النووي على مسلم ـ برقم 2997 [18 /124]
[3] رواه مسلم في صحيحه برقم 6943

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق