حديث فقدت أمة من بني إسرائيل
المبحث الأول : الحديث
قال الإمام البخاري رحمه الله : حَدَّثَنَا مُوسَى
بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا
إِلاَّ الْفَارَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ ، وَإِذَا وُضِعَ
لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ : أَنْتَ سَمِعْتَ
النَّبِيَّ r يَقُولُهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ
لِي مِرَارًا فَقُلْتُ أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاة.
تخريج الحديث :
رواه البخاري ( 4/156) برقم (3305), ومسلم (4/
2294) برقم (2997), وابن ماجه (4/391) برقم (3245). وأحمد (2/ 234 ).
درجة الحديث :
الحديث صحيح رجاله ثقات ، ورواه البخاري .
المبحث الثاني : مشكل الحديث
كيف
يكون للفأر نسل وقد ورد " أن الله تعالى لم يجعل لمسخٍ نسلاً ؟ وكيف الجمع بين الحديثين ؟
المبحث الثالث : توضيح
الِإشكال
أجاب الجمهور عن الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم قال
ذلك: قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر في ذلك ، ولذلك لم يأت الجزم عنه بشيء من ذلك بخلاف
النفي فإنه جزم به ، قال أبو العباس الأنصاري في المفهم : كان هذا منه ـ r
ـ ظنًّا ، وحدسا قبل أن يوحى
إليه : (( أن الله تعالى لم يجعل لمسخٍ نسلاً )). فلما أوحي إليه بذلك زال عنه ذلك
التخوُّف . [1]
وقال النووي رحمه الله
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فُقِدَتْ
أُمَّة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ ، وَلَا أَرَاهَا إِلَّا الْفَأْر
، أَلَا تَرَوْنَهَا إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَان الْإِبِل لَمْ تَشْرَبهَا ، وَإِذَا
وُضِعَ لَهَا أَلْبَان الشَّاء شَرِبَتْهُ
) معنى هذا
أن لحوم الإبل وألبانها حرمت على بنى إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها فدل بامتناع
الفأرة من لبن الابل دون الغنم على أنها مسخ من بنى إسرائيل[2] .
وقد وافقه بعض العلماء بأن الفأر مسخ من بني
إسرائيل ، و أنها لما مسخت
تعاشرت مع أخواتها من الفئران ، ثم ماتوا بعد ثلاث ،
وقال بذلك بعض
المعاصرين و أثبتوا أن بعض تراكيب الفأر تشبه تراكيب الإنسان فلذلك
يستخدم علماء الطب الفئران لتجاربهم .
ولكن هذا القول متكلف فيه ، لأن حديث ابن عباس
الآتي يثبت بأنها لم يكن
لها نسل فيكيف تعاشر ثم تموت ثم يكون لها نسل ؟ هذا قول
بعيد
قال ابن عباس رضي
الله عنه : لم يعِش مسخٌ قط فوق ثلاثة
أيام ولم يأكل ولم
يشرب ولم ينسل.
وفي مسلم قال رجل يا رسول الله القردة والخنازير هي
مما مسخ ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- « إن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يعذب
قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك »[3] .
المبحث الرابع : مجمل
القول
مجمل القول أن النبي r قال ذلك ظناً منه قبل
أن يوحى إليه بحقيقة الأمر ، و بعد أن علم الحقيقة قال :" إن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا "
فالفأر الموجود اليوم
ليس مسخا من بني إسرائيل ، بل كانوا قبل ذلك .
والله أعلم و أحكم
محمد الجابي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق